أحكام التلاوة والتجويد
أحكام التلاوة والتجويد
دروس في تجويد القرآن ج1
الدرس الخامس
أحكام النون الساكنة والتنوين (1)
أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرِّف النون الساكنة والتنوين.
2- يعدِّد أحكام النون الساكنة والتنوين.
3. يميّز بين حكمي الإدغام بغنة والإدغام بلا غنة ويطبّقهما بشكل سليم.
النون الساكنة
هي نون من أصل وبنية الكلمة؛ والتي لا حركة لها، وتثبت لفظاً وخطاً, وصلاً ووقفاً، كنون "أنْ" و "منْ" وتكون في الاسم والفعل والحرف، وقد ترد في منتصف الكلمة وفي طرفها، نحو: الإنْسان, لنْ تنالوا.
التنوين
هي نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم فقط، لفظاً ووصلاً، وتفارقه خطاً ووقفاً, وتكتب على صورة فتحتين أو ضمتين أو كسرتين (ـ ً، ـٌ، ـ ٍ)، نحو: كتاباً، كتابٌ، كتابٍ، والتنوين يلحق آخر الاسم في حالة الوصل فقط، والسبب في ذلك يعود إلى القاعدة: "بأنّ العرب لا تقف على متحرّك ولا تبدأ بساكن، كما أنّها حالة الوصل تصل بحركة".
وللنون الساكنة والتنوين أربعة أحكام مقسّمة على جميع الحروف1 وهي:
1- الإدغام: وعدد حروفه ستة مجموعة في قول (يرملون).
2- الإظهار: وعدد حروفه ستة مجموعة في أوائل الكلمات الآتية: (أخي هاك علماً حازه غير خاسر).
3- الإقلاب: وله حرف واحد وهو الباء.
4- الإخفاء: وعدد حروفه خمسة عشر مجموعة في أوائل كلم هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاء شخص قد سما دم طيباً زد في تقى ضع ظالما
الإدغام
لغةً: الإدخال والمزج، واصطلاحاً: التقاء حرف ساكن بحرف متحرّك، أو هو دمج حرفين بعضهم ببعض بحيث يصبحان حرفاً واحداً مشدّداً من جنس الثاني، على أن يكون الأوّل ساكناً والثاني متحركاً. وحروفه ستة مجموعة في لفظ "يرملون". ويقسم إلى قسمين: إدغام بغنّة وآخر بلا غنّة.
1- الإدغام بغنّة:
حروفه أربعة مجموعة في لفظ "ينمو" أو "يومن".
ويكون الإدغام بغنّة إذا جاءت النّون الساكنة أو التنوين وجاء بعدهما حرف من حروف كلمة "ينمو"، تدغم النون الساكنة أو التنوين مع أحد هؤلاء الحروف وتغنّ مقدار حركتين.
والغنّة: هي صوت يخرج من الخيشوم (التجويف الأنفي) لا عمل للسان به، وتصاحب حرفي النون والميم في كل أوضاعهما ويختلف زمنها باختلاف الحكم التجويدي.
والإدغام بغنة لا يكون إلا في كلمتين، نحو: منْ يقول، منْ نعمة, منْ ملجأ, منْ ولي, وبرقٍ يجعلون, يومئذٍ ناعمة, عذابٌ مقيم, يومئذٍ واهية...
فإذا جاء في كلمة, أي إذا جاء المدغم والمدغم فيه في كلمة واحدة فإنّه يجب الإظهار ويسمى إظهاراً شاذاً (أو إظهاراً مطلقاً). ولا يوجد في القرآن الكريم سوى أربع كلمات جاءت فيها النّون ساكنة وجاء بعدها أحد حروف كلمة ينمو, وقد تتكرّر الكلمة أكثر من مرّة وهي:
﴿الدُّنْيَا﴾2 (وردت 115 مرة في القرآن الكريم في العديد من السور)، ﴿قِنْوَانٌ﴾3 (وردت مرة واحدة في سورة الأنعام آية 99)، ﴿صِنْوَانٌ﴾4 (وردت مرتين في سورة الرعد آية 4)، ﴿بُنيَانٌ﴾5 (سورة الصف آية 4) ﴿بُنْيَانًا﴾6 (سورة الكهف آية 21, كذلك في سورة الصافات آية 97), ﴿بُنْيَانَهُ﴾7 (وردت مرتين في سورة التوبة آية 109), ﴿بُنْيَانَهُ﴾8 (وردت مرتين: سورة التوبة آية 110 وفي سورة النحل آية 26).
وفي القرآن الكريم موضعان تظهر فيهما النون السّاكنة ولا تدغم, رغم أنّها في كلمتين:
الأوّل: ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾9، وتقرأ: "ياسين والقرآن الحكيم".
الثاني: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾10، وتقرأ: "نون والقلم وما يسطرون".
2- الإدغام بلا غنّة:
هو إدغام النّون الساكنة أو التنوين بحرف من حروف "لر" (اللام والراء) دون غنّها، نحو:
﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾11, ﴿مِّن رَّبِّ﴾12, ﴿فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾13, ﴿مِن لَّدُنْهُ﴾14...
والإدغام بلا غنّة كالإدغام بغنّة لا يأتي إلا في كلمتين, وإن أتى في كلمة واحدة يسمّى إظهاراً شاذّاً، إلّا أنّه لا يوجد في القرآن الكريم مثال جاءت فيه النّون الساكنة وبعدها اللام أو الرّاء في كلمة واحدة.
وهناك حالة استثنائية جاءت النون الساكنة وبعدها الراء في كلمتين ومع ذلك فإنّه لا إدغام فيها وذلك بسبب السكت، ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾15.
والسكت: كما سيأتي تعريفه لاحقاً هو قطع الصوت بنية إكمال القراءة دون أخذ نفس جديد، وإنّما تتم القراءة بنفْس النّفَس الذي يُحتوى في الصدر.
ومن جهة ثانية الإدغام قسمان أيضاً: إدغام كامل وإدغام ناقص. فالإدغام الكامل هو الذي تتم فيه الغنّة وتأتي كاملة من الخيشوم، كالنون والميم من (ينمو)، بينما الإدغام النّاقص هو الذي تتم فيه الغنّة غير أنّها لا تأتي كاملة من الخيشوم بل يتسرّب قسمٌ منها من الفم كالياء والواو.
فنقول: ﴿مِّن نِّعْمَةٍ﴾16، ﴿مِن مَّاءٍ﴾17... إدغام بغنّة كامل، و: ﴿مَن يَعْمَلْ﴾18، ﴿مِن وَالٍ﴾19... إدغام بغنّة ناقص.
وقد سهّل علينا علماء التجويد الكثير في هذا المجال إذ أصدروا عدّة طبعات من القرآن الكريم تشمل كافة أحكام التجويد الموضوعة على الحروف، ومن جملتها: تعرية الحرف من علامة السكون مع تشديد الحرف التالي يدل على الإدغام الأوّل في الثاني إدغاماً كاملاً، نحو: ﴿أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا﴾20، ﴿يَلْهَث ذَّلِكَ﴾21، ﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٌ﴾22، ﴿وَمَن يُكْرِههُّنَّ﴾23، ﴿مِّن رَّبِّ﴾24، ﴿وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ﴾25، ﴿مِن مَّاء﴾26، ﴿مِّن نِّعْمَةٍ﴾27.
- وتتابع الحركتين (ضمتين أو فتحتين أو كسرتين) هكذا (ـٌ، ـً، ـٍ) مع تشديد الحرف التالي يدل أيضاً على الإدغام الكامل، نحو: ﴿خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ﴾28، ﴿غَفُورًا رَّحِيمًا﴾29، ﴿حِطَّةٌ نَّغْفِرْ﴾30.
- بينما تعرية الحرف مع عدم تشديد التالي يدل على إدغام الأول في الثاني إدغاماً ناقصاً، نحو: ﴿مَن يَقُولُ﴾31، ﴿مِن وَالٍ﴾32، ﴿فَرَّطتُمْ﴾33، ﴿بَسَطتَ﴾34... أو إخفائه عنده، فلا هو مظهر حتى يقرعه اللسان ولا هو مدغم حتى ينقلب إلى جنس تاليه، نحو: ﴿مِن تَحْتِهَا﴾35، ﴿مِن ثَمَرِهِ﴾36، ﴿إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ﴾37.
- وتتابع الحركتين كالسابق مع عدم التشديد يدل على الإدغام الناقص أيضاً، نحو: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾38، ﴿رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾39، أو الإخفاء نحو: ﴿شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾40، ﴿سِرَاعًا ذَلِكَ﴾41، ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ﴾42.
- بينما إذا وجدنا تركيب التنوين هكذا: (ـٌ، ـً، ـٍ) يدل على الإظهار كما سيأتي تعريفه، نحو: ﴿سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾43، ﴿وَلَا شَرَابًا * إِلَّا﴾44، ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾45.
الإظهار
لغة: البيان والكشف، واصطلاحاً: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنّة ولا وقف ولا سكن ولا تشديد في الحرف المظهر، وحروفه ستة مجموعة في أوائل الكلمات التالية:
(أخي هاك علماً حازه غير خاسر) أو من البيت:
همزٌ فهاءٌ ثم عينٌ حاءٌ مهملتان ثم غينٌ خاءٌ
وبما أنّ هذه الحروف مخرجها من الحلق سمّي بالإظهار الحلقي موزعة على ثلاث مراتب: أعلاها الهمزة والهاء، وأوسطها العين والحاء، وأدناها الغين والخاء.
والعلة في إظهار النون والتنوين عند هذه الأحرف بعد المخارج بينهما، فالنّون والتنوين مخرجها من طرف اللسان بينما الحروف الستّة من الحلق.
والإظهار الحلقي يكون في إبانة النون الساكنة أو التنوين إذا جاء بعدها أحد حروف الإظهار، ويرد في كلمة وفي كلمتين، نحو: كمال في الشكل ادناه(1)
---------------
أسـئلـة الـدرس
1- عرّف: الإدغام، الغنّة، التّنوين.
2- كم حكماً للنون السّاكنة والتنوين؟ تحدّث عن واحدٍ منها.
3- ما هو الإظهار الشّاذ؟ أعطِ مثالاً.
4- عرّف الإظهار الحلقي مع مثال توضيحي.
تمارين
- اقرأ قوله تعالى وبيّن أحكام النون الساكنة والتنوين فيه:
﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾46.
------المصادر-----
1- الحروف الأبجدية 28 حرفاً، أما الحروف الهجائية 29 حرفاً بإضافة الألف.
2- سورة البقرة، الآية 86.
3- سورة الأنعام، الآية 99.
4- سورة الرعد، الآية 4.
5- سورة الصف، الآية 4.
6- سورة الكهف، الآية 21.
7- سورة التوبة، الآية 109.
8- سورة التوبة، الآية 110.
9- سورة يس، الآيتان 1 - 2.
10- سورة القلم، الآية 1.
11- سورة البقرة، الآية 173.
12- سورة الحاقة، الآية 43.
13- سورة الملك، الآية 11.
14- سورة الكهف، الآية 2.
15- سورة القيامة، الآية 27.
16- سورة النحل، الآية 53.
17- سورة إبراهيم، الآية 16.
18- سورة النساء، الآية 123.
19- سورة الرعد، الآية 11.
20- سورة يونس، الآية 89.
21- سورة الأعراف، الآية 176.
22- سورة آل عمران، الآية 72.
23- سورة النور، الآية 33.
24- سورة الحاقة، الآية 43.
25- سورة التوبة، الآية 58.
26- سورة إبراهيم، الآية 16.
27- سورة النحل، الآية 53.
28- سورة المنافقون، الآية 4.
29- سورة النساء، الآية 23.
30- سورة البقرة، الآية 58.
31- سورة البقرة، الآية 8.
32- سورة الرعد، الآية 11.
33- سورة يوسف، الآية 80.
34- سورة المائدة، الآية 28.
35- سورة البقرة، الآية 25.
36- سورة الأنعام، الآية 141.
37- سورة العاديات، الآية 11.
38- سورة القيامة، الآية 22.
39- سورة هود، الآية 90.
40- سورة الصافات، الآية 10.
41- سورة ق، الآية 44.
42- سورة عبس، الآيتان 15 ـ 16.
43- سورة البقرة، الآية 181.
44- سورة النبأ، الآيتان 24 ـ 25.
45- سورة الرعد، الآية 7.
46- سورة البقرة، الآيات: 44 ـ 48.