الدرس 2 / الزواج في الإسلام
الدرس 2 / الزواج في الإسلام
الدرس الثاني: الزواج في الإسلام
الزواج من المستحبّات الأكيدة، وقد وردت نصوص كثيرة تحثّ عليه، وتذمّ على تركه، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من أحبّ فطرتي فليستنّ بسنّتي، ومن سنّتي النكاح" [مكارم الأخلاق: ص 196].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "النكاح سنّتي، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي" [بحار الأنوار: ج 100، ص 220].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "ما بني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله (تعالى) من التزويج" [من لا يحضره الفقيه: ج 3، ص 383].
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "ركعتان يصلّيهما المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب" [الكافي: ج 5، ص 328].
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "رذّال موتاكم العزّاب" [وسائل الشيعية: ج 20، ص 19].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أكثر أهل النار العزّاب" [وسائل الشيعية: ج 20، ص 20].
ولا ينبغي أن يمنع الفقر والعيلة عنه بعدما وعد الله (عزّ وجلّ) بالإغناء والسعة بقوله (عزّ من قائل): ﴿...إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ...﴾ [ سورة النور، 32].
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنّه بالله (عزّ وجلّ)"، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول: ﴿...إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ...﴾ [الكافي: ج 5، ص 331].
1- التكامل هدف الزواج:
قال الله (تبارك وتعالى): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [سورة الروم، 21].
خلق الله (تعالى) لأجلكم (أو لنفعكم) أزواجاً من جنسكم، والهدف هو السكينة الروحيّة والهدوء النفسيّ، فكلّ واحد من الرجل والمرأة مجهّز بجهاز التناسل تجهيزاً لا يكتمل فعله إلّا بمجموع الاثنين، فكلّ واحد منهما ناقص في نفسه محتاج إلى الآخر، فإذا اجتمعا يصيران واحدًا تامًّا، له أن يلد وينسل، وبسبب هذا النقص والافتقار يتحرّك الواحد منهما إلى الآخر، حتّى إذا اتّصل بالآخر سكن واطمأنّ إليه, لأنّ كلّ ناقص مشتاق إلى كماله ويميل إلى ما يزيل فقره، وهذا هو الانجذاب القويّ المودع في كلّ منهما.
ومن هنا يمكن الاستنتاج بأنّ الذين يهملون هذه السنّة الإلهيّة يكون وجودهم ناقصاً. وقد جعل المولى (تعالى) بين الجنسين مودّة ورحمة، والمودّة هي الحبّ الذي يظهر أثره في مقام العمل، والرحمة تأثّر نفسانيّ عند مشاهدة حاجة الآخر إلى رفع نقيصته، والمودّة هي الباعثة على الارتباط بين الزوجين في بداية الأمر، وفي النهاية وحين يضعف أحد الزوجين تأخذ الرحمة مكان المودّة. والزوجان يتلازمان بالمودّة والرحمة، وهما معاً يرحمان الصغار من الأولاد, لما يريانه من ضعفهم وعجزهم عن القيام بواجب العمل لرفع الحوائج الحيويّة، فيقوم الزوجان بواجب العمل في حفظهم وحراستهم وتغذيتهم وكسوتهم وإيوائهم وتربيتهم، ولولا هذه الرحمة لما عاش النوع الإنسانيّ.
2- صفات الزوجة:
ينبغي أن يحسن الرجل اختيار زوجته لأجله ولأجل نسله، ومن هذه الصفات:
أ- أن تكون صاحبة عقل وأدب، وأن لا تكون حمقاء، فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "إيّاكم وتزويج الحمقاء, فإنّ صحبتها بلاء، وولدها ضياع" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص 84].
ب- أن تكون صاحبة دين وصلاح وحسن خلق، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "انظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك، وتطلعه على دينك وسرّك، فإن كنت لا بدّ فاعلاً فبكرًا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق..." [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص 28].
وعنه عليه السلام أنّه قال: "ما أُعطي أحد شيئاً خيرًا من امرأة صالحة، إذا رآها سرّته، وإذا أقسم عليها أبرّته، وإذا غاب عنها حفظته" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص 39].
وعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "ما أفاد عبد فائدة خيرًا من زوجة صالحة، إذا رآها سرّته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص 39] .
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من سعادة المرء الزوجة الصالحة" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص41].
ج- المنبت الصالح، فقد تكون المرأة جميلة إلّا أنّ أخلاقها تكون سيّئة, بسبب منبت السوء، فعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إيّاكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله، وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص35] .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من تزوّج امرأة لا يتزوجها إلّا لجمالها لم يرَ فيها ما يحب" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص50].
والجمع بين الصلاح والجمال أمر حسن، فيحسن للرجل أن يختار من يعجبه شكلها، وقد ورد أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا أراد أحدكم أن يتزوّج فليسأل عن شعرها، كما سأل عن وجهه, فإنّ الشعر أحد الجمالين" [الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج3، ص382].
د. العفاف، والعفّة درع نفسيّ يحمي الإنسان من التلوّث بالدنايا، فالزوجة العفيفة تحمي نفسها وزوجها وأولادها من ذلك التلوّث. وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "خير نسائكم العفيفة..." [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص50].
3- خير النساء:
ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إنّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان [اي العفيفة] على غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها..." [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص29]
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "خير نسائكم التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء، وإذا لبست لبست معه درع الحياء" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص29]
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "خير نسائكم الطيّبة الريح، الطيّبة الطبيخ، التي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب ولا يندم" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص30].
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أفضل نساء أمّتي أصبحهنّ وجهاً، وأقلهنّ مهراً" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص31].
وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "خير نسائكم الخمس، قيل: وما الخمس؟ قال: الهيّنة الليّنة المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتّى يرضى، وإذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص29].
هـ. ممّا يستحبّ اجتنابه من صفات النساء: يستحبّ اجتناب الزواج بالنساء اللاتي يحملن صفات عديدة، منها ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ألا أخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تتورّع من قبيح، المتبرّجة إذا غاب بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنّعت منه كما تمنّع الصعبة عند ركوبها، ولا تقبل منه عذراً، ولا تغفر له ذنباً" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص34].
وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "فأمّا شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقم رحمها" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص53]
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "تزوّجوا بكرًا ولودًا، ولا تزوّجوا حسناء جميلة عاقرًا، فإنّي أباهي بكم الأمم يوم القيامة" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص54].
4- صفات الزوج:
ينبغي على المرأة وأهلها أن يراعوا جملة من الصفات في طالب الزواج، ومنها:
أ- حسن الخلق وصاحب الدين، فعن الحسين بن بشّار الواسطيّ قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام: إنّ لي قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء؟ قال: "لا تزوّجه إن كان سيّئ الخلق" [الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص81]، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أقربكم منّي مجلساً يوم القيامة أحسنكم خلقاً وخيركم لأهله" [الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2، ص410]
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" [الكافي: ج5، ص347، ح2]
وورد عن الإمام الحسن عليه السلام أنّه قال لمن استشاره في تزويج ابنته: "زوّجها من رجل تقيّ، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها" [مكارم الأخلاق: ص 318].
ب- كراهة الزواج بشارب الخمر، فشرب الخمر يضرّ بالعقل والدين، فتصير حياة الزوجة المتديّنة كابوساً حقيقيّاً، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "لا تجالسوا شارب الخمر، ولا تزوّجوه، ولا تتزوّجوا إليه" [وسائل الشيعة: ج 25، ص 312]
وعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "إيّاك أن تزوّج شارب الخمر، فإنْ زوّجته فكأنّما قدت إلى الزنى" [بحار الأنوار: ج 74، ص 142]
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها"، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "شارب الخمر لا يُزوّج إذا خطب" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 79].
ج- الكفاءة، فقد روي أنّه قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "يا رسول الله، فمن نزوّج؟ فقال: الأكْفَاء، فقال: ومن الأكفاء؟ فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض، المؤمنون بعضهم أكفاء بعض" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 61-62]
وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "الكفو أن يكون عفيفاً وعنده يسار" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 78]، والمقصود باليسار هو كون أمره في الزواج ميسَّراً، وهو يعني الكفاءة الماليّة العرفيّة، ولا يعني كثرة المال، والإيمان هو الأصل بالكفاءة، فقد ورد أنّه: "لمّا زوّج (الإمام) عليّ بن الحسين عليه السلام أمّه مولاه، وتزوّج هو مولاته، فكتب إليه عبد الملك كتاباً يلومه فيه، ويقول: قد وضعت شرفك وحسبك، فكتب إليه عليّ بن الحسين عليه السلام: إنّ الله رفع بالإسلام كلّ خسيسة، وأتمّ به الناقصة، وأذهب به اللؤم، فلا لؤم على مسلم، وإنّما اللؤم لؤم الجاهليّة، وأمّا تزويج أمّي فإنّما أردت بذلك برّها. فلمّا انتهى الكتاب إلى عبد الملك قال: لقد صنع عليّ بن الحسين أمرين ما كان يصنعهما أحد إلّا عليّ بن الحسين فإنّه بذلك زاد شرفاً" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 75].
5- حرمة الأذيّة بغير حقّ:
لا يجوز لأيّ من الزوجين أن يؤذي الآخر بغير حقّ، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتّى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر، وقامت، واعتقت الرقاب، وأنفقت الأموال في سبيل الله، وكانت أوّل من ترد النار. ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: وعلى الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان لها مؤذياً ظالماً...".
6- إكرام الزوجة:
يستحبّ إكرام الزوجة، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: "وأمّا الزوجة فأن تعلم أنّ الله (عزّ وجلّ) جعلها لك سكناً وأنساً، فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها" [الفقيه: ج2، ص621].
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أكرم النساء إلّا كريم، وما أهانهنّ إلّا لئيم" [ كنز العمّال: ج 16، ص 371].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 171].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أمّتي الذين لا يتطاولون على أهليهم، ويحنّون عليهم، ولا يظلمونهم..." [مكارم الأخلاق: ص 216].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "قول الرجل للمرأة: إنّي أحبّك، لا يذهب من قلبها أبداً" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 170].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "حقّ المرأة على زوجها أن يسدّ جوعتها، وأن يستر عورتها، ولا يقبّح لها وجهاً"44.
7- غفران ذنب الزوجة:
إنّ من حقّ الزوجة على زوجها أن يغفر لها إذا أخطأت، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في حقّ المرأة على زوجها، الذي إذا فعله كان محسناً؟ أنّه عليه السلام قال: "يشبعها ويكسوها، وإن جهلت غفر لها، وقال أبو عبد الله عليه السلام: كانت امرأة عند أبي عليه السلام تؤذيه فيغفر لها" [ وسائل الشيعة: ج 20، ص 169].
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "... ومن صبر على خلق امرأة سيّئة الخلق واحتسب في ذلك الأجر أعطاه الله ثواب الشاكرين" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 174].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ـ أيضاً: "أوصاني جبرائيل بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلّا من فاحشة" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 170]
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "رحم الله عبدًا أحسن فيما بينه وبين زوجته، فإنّ الله (عزّ وجلّ) قد ملّكه ناصيتها، وجعله القيّم عليها" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 170].
8- مداراة الزوجة:
تستحبّ مداراة الزوجة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوجّ، إن أقمته كسرته، وإن تركته استمتعت به، اصبر عليها" [وسائل الشيعة: ج 20، ص173].
وعن الإمام عليّ عليه السلام في وصيّة لولده محمّد بن الحنفيّة: "... إنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كلّ حال، وأحسن الصحبة لها, ليصفو عيشك" [وسائل الشيعة: ج 20، ص169].
9- أمور يستحبّ للزوج فعلها:
أ.التطيب والتزيين:
يستحبّ أن يتحلّى الزوج بآداب التنظّف والتطيّب والتزيّن لزوجته، فعن الحسن بن الجهم أنّه قال: "رأيت أبا الحسن عليه السلام اختضب، فقلت: جعلت فداك، اختضبت؟! فقال: نعم، إنّ التهيئة ممّا يزيد في عفّة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنّ التهيئة، ثمّ قال: أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت: لا، قال: فهو ذاك.. ثم قال: من أخلاق الأنبياء التنظّف والتطيّب وحلق الشعر وكثرة الطروقة" [وسائل الشيعة: ج 20، ص264].
ب.التوسعة على العيال:
يستحبّ بشكل مؤكّد للزوج أن يوسع على عياله، ولكن بدون تبذير وإسراف، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكفّلها وإن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، وغيرة بتحصّن" [بحار الأنوار: ج 75، ص 235]، والتوسعة بتقدير تعني الوسطيّة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا جاد الله (تبارك وتعالى) عليكم فجودوا، وإذا أمسك عنكم فأمسكوا..." [وسائل الشيعة: ج 21، ص 553].
ج. إظهار الحب:
يستحبّ للزوج أن يستميل زوجته ويظهر الحبّ لها، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، وهي: الموافقة, ليجلب بها موافقتها ومحبّتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها" [بحار الأنوار: ج 75، ص 237].
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "قول الرجل للمرأة إنّي أحبّك لا يذهب من قلبها أبداً" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 23] .
10- خير الرجال وشرّهم:
عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "... إنّ من خير رجالكم التقيّ النقيّ، السمح الكفّين، السليم الطرفين، البرّ بوالديه، ولا يلجئ عياله إلى غيره... ثمّ قال: إنّ من شرّ رجالكم البهّات البخيل الفاحش، الآكل وحده، المانع رفده، الضارب أهله وعبده، الملجئ عياله إلى غيره، العاقّ بوالديه" [وسائل الشيعة: ج 20، ص34] .
11- خدمة الزوجة لزوجها:
يستحبّ للزوجة أن تخدم زوجها، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلّا كان خيراً لها من عبادة سنة، صيام نهارها، وقيام ليلها" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 23] .
12- طلاقة وجه الزوجة:
عقد الحر العاملي في كتاب وسائل الشيعة باباً خاصاً تحت عنوان: باب استحباب طلاقة الوجه وحُسن البشر، يتضمّن مجموعة من الروايات التي تؤكّد على هذا الخُلق الحسن، روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا بني عبد المطلب إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فألقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر" [وسائل الشيعة: ج 20، ص160] .
13- احترام الزوجة لزوجها:
روي أنّه جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: "إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقّتني، وإذا خرجت شيّعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت لي: ما يهمّك، إن كنت تهتمّ لرزقك فقد تكفّل لك به غيرك، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لله عمّالاً، وهذه من عمّاله، لها نصف أجر الشهيد" [وسائل الشيعة: ج 20، ص 32] .
14- تحمّل أذى الزوج:
روي أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها مثل ثواب آسية بنت مزاحم" [بحار الأنوار: ج 100، ص 247 ].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ـ أيضاً: "والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ورسولاً كلّ امرأة صبرت على زوجها في الشدّة والرخاء، وكانت مطيعة له ولأمره، حشرها الله (تعالى) مع امرأة أيّوب عليه السلام" [مستدرك الوسائل: ج 14، ص 241].
15- عدم إسخاط الزوج:
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ لم يتقبّل منها صلاة حتّى يرضى عنها..."[وسائل الشيعة: ج 20، ص160].
16- تمكين الزوج من نفسها:
يجب على الزوجة أن تستجيب للزوج لو طلب المعاشرة المشروعة، ويستحبّ لها أكثر من ذلك، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال عن حقّ الزوج على المرأة: "... وعليها أن تطيّب بأطيب طيبها، وتلبس أحسن ثيابها، وتزيّن بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشيّة..." [وسائل الشيعة: ج 20، ص158].
حسن المعاشرة في الحياة الزوجية:
الزواجُ بدايةُ مرحلة جديدة من المعاشرة تنتهي في ظلالها عزلة الرجل والمرأة، ويبدأ عهد جديد من الأُلفة والأنس بينهما، وعلى أثر ذلك يحصل نوع من التقارب بين أفكار الزوجين ورؤاهما، كذلك الأمر بالنسبة لتوجهاتهما والخطط المستقبلية لحياتهما المشتركة.
لقد حثّ الإسلام على معاشرة المرأة بالمعروف وذلك من خلال عدد كبير من المفاهيم الأخلاقية والتربية السلوكية، ومن هذه المفاهيم:
أ-العِشرة الحسنة:
إنّ الحياة الزوجبة السليمة هي الحياة التي يعيش فيها الزوجان بتناغم وتفاهم كبيرين، والعنوان الأبرز لهما هو ألا يسيئان لبعضهما البعض، بل الإحسان هو الهدف، قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً﴾ [النساء، 19].
وروي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية: "إنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كلِّ حال، وأحسن الصحبة لها، فيصفو عيشك" [مكارم الأخلاق: ص218].
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خيركم خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي" [من لا يحضره الفقيه: ج3، ص281] .
ب-الإكرام والرحمة:
فعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، وهي: الموافقة , ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها" [تحف العقول: 239]. ومن حق الزوجة إكرامها، والرفق بها، واحاطتها بالرحمة والمؤانسة، قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "وأمّا حقُّ رعيتك بملك النكاح، فأن تعلم أن الله جعلها سكناً ومستراحاً وأُنساً وواقية، وكذلك كلّ واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحبّت وكرهت ما لم تكن معصية، فإنّ لها حقّ الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابدّ من قضائها [تحف العقول: 188].
ت-عدم استخدام القسوة:
ونهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن استخدام القسوة مع المرأة، وجعل من حق الزوجة عدم ضربها والصياح في وجهها، ففي جوابه على سؤال خولة بنت الأسود حول حق المرأة، قال: "حقكِ عليه أن يطعمك ممّا يأكل، ويكسوك ممّا يلبس، ولا يلطم ولا يصيح في وجهك" [مكارم الأخلاق، 218]. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أُمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم، ويحنّون عليهم، ولا يظلمونهم" [مكارم الأخلاق، 216-217].
د- المراعاة:
قال تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَ﴾[مكارم الأخلاق، 216-217]. على الزوجة أن تراعي إمكانات الزوج في النفقة وغيرها، وكذلك على الزوج أن يراعي إمكانات زوجته النفسية والجسدية والعاطفية، لأن الله لا يكلِّف نفساً إلا طاقتها وإمكاناتها وهي سنّة الحياة التي لا تقبل الجدل، ومن يعاندها فلا محالة سوف يقع في الأخطاء الكبيرة. وينبغي على الزوجة عدم تكليف الزوج بما لا يطيق فأكّدت الروايات على الزوجة في أمر النفقة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: "ألّا وأيّما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم يقبل الله منها حسنة وتلقى الله وهو عليها غضبان"[الوسائل: ج20، ص212].
ونعم الواعظ في ذلك ما ورد في سيرة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين، ففي الخبر عن أبي سعيد الخدري قال: "أصبح علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم ساغباً، فقال يا فاطمة هل عندك شيء تغذّينيه؟ قالت: لا والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح الغداة عند شيء، وما كان شيء أَطعمناه مذ يومين إلا شيء كنت أؤثرك به على نفسي وعلى ابنيَّ هذين الحسن والحسين، فقال علي عليه السلام: يا فاطمة: ألا كنت أعلمتيني فأبغيكم شيئاً، فقالت: يا أبا الحسن إني لأستحيي من إلهي أن أكلّف نفسك ما لا تقدر عليه" [ بحار الأنوار، ج43، ص59].
وكذلك الحال بالنسبة للزَّوج، فلا بد أن يقدّر ظروفها في المرض والعافية، والقوة والضعف، والليل والنهار، وشغلها وفراغها وغير ذلك. لأنها قوانين الخلقة، وكل إنسان له مزاجه وله تداعياته النفسية وله كرهه وحبّه وانزعاجه ورضاه وقلقه وطمأنينته، فنسأل الله سبحانه أن يعيننا على حسن المعاملة فيما بيننا.